27 - 09 - 2024

هل تحوّل حزب الوفد لفرع تابع للسلفيين؟  

هل تحوّل حزب الوفد لفرع تابع للسلفيين؟  

تقـدّم أعضاء حزب الوفد (بمشرع قانون الأحوال الشخصية المُوحـّـد للمسلمين) إلى البرلمان.. ومن حــُـسن حظ الأسرة المصرية، أنّ من امتلك شجاعة (نقد) هذا المشروع هو د.سعد الدين الهلالى (أستاذ الفقه بجامعة الأزهر) أى أنه من داخل صفوف الأزهر.. وليس من خارجه.  

أجرى د.الهلالى دراسة وافية على مشروع القانون (الوفدى) وأرسلها إلى صحيفة الأهرام التى نشرتها على صفحة كاملة.. وكان من بين ملاحظات الهلالى أنّ النصوص المُـقترحة (تؤدى إلى تفكيك الأسرة..وتــُـحوّل الطفل إلى أداة للتنكيل بالحاضن) وفى صياغة دقيقة ومُـعبرة ولها دلالات عميقة قال (لايجوزالارتداد إلى فتاوى تجاوزها الزمن..وتــُـخالف آراء جمهورالفقهاء)

وبدأ دراسته بالتعبيرعن الصدمة التى شعربها بعد أنْ انتهى من قراءة مشروع القانون.. وأنّ سبب الصدمة (مجموعة الألغام) المبثوثة ضمن مواد المشروع خاصة الخلط (بين الشرع الإسلامى والفقه..والزج بمصطلح (الدوطة) كما أنّ المشروع يحرم الأسرة من بقاء عصمتها وتماسكها.. وينشرالمفاهيم المغلوطة عن الإسلام..ويحرم الأسرة من بقائها، أوإعادة بنائها بعد الفراق (تمسكــًـا برأى فقهى على حساب آخرأكثر رحمة.. كما أنّ المشروع يـُـعيد العلاقات الأسرية (زواجـًـا وطلاقــًـا ورجعة) إلى الألفاظ الشفهية غيرالموثقة.. مما يتسبب فى ضياع الحقوق المالية.. ويضع القضاء والنيابة فى مواجهة مع أحد طرفىْ نزاع الحضانة.  

ومن بين الملاحظات أنّ مواد المشروع تــُـشعل الفتن الأهلية (مثل استرداد هدايا الخاطب.. وإغفال قضايا نفى النسب.. ومواد المشروع تعمل على ترسيخ (إهانة المرأة المسلمة) وهوما جاء بالمادة رقم 43 ونصّـتْ على (إذا امتنعتْ الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع) والمادة رقم 66 نصّتْ على (لاتجب النفقة على الزوجة إذا ارتدّتْ أوامتنعتْ مختارة عن تسليم نفسها دون حق أوخرجتْ من مسكن الزوجية دون إذن زوجها) فكان تعليق الهلالى (هكذا صارتْ ثقافة مشروع القانون، أنّ نفقة الزوجة ليست مستحقة بالعقد.. وإنما بشرط (توفرالطاعة) كما تدخل واضعو المشروع فى الحكم على (عقيدة) الزوجة الدينية بما يخالف الدستورالذى جعل حرية العقيدة (مطلقة) وهكذا فإنّ المشروع (يشيع ثقافة ولاية الزوج الدينية على زوجته.. كما هو شائع فى الأوساط الظلامية) والانحيازللرجل ضد المرأة جاء فى المادة رقم 65 الخاصة بتعليم الطفل حيث نصـّـتْ على أنه (تكون الولاية التعليمية للأب) (أهرام 7سبتمبر2018- ص27)  

***

أعتقد أنّ ما لم يقله د.الهلالى هو: إذا كان هذا المشروع من (جهد) أعضاء ينتمون إلى (حزب الوفد) وينشر الأفكارالظلامية (وفق تعبيرالهلالى) فما نوعية مشروع القانون الذى كان من المُـتوقع تقديمه من أعضاء (حزب الضلمة) الشهير (بحزب النور)؟ ألايدل هذا المثال على أنّ الأصولية الإسلامية مُـتغلغلة داخل عقول الكثيرين (من المُـتعلمين المصريين) المحسوبين على الثقافة السائدة.. ووصلتْ إلى أعضاء فى حزب (المفروض أنه ضمن أحزاب المعارضة)  

وبالرجوع للأصل التاريخى لتكوين الأحزاب، يتبيـّـن أنّ أحزاب المعارضة مُـهمتها الأساسية دفع المجتمع للرقى والتقدم.. ومن بين عوامل الرقى والتقدم أنه لافرق بين المرأة والرجل فى شئون الحياة العامة.. ولكن مشروع القانون الوفدى لم يكتف بذلك.. وإنما تدخل فى شئون الحياة الخاصة، عندما ألغى دور الزوجة فى مسألة التعليم.. وجعل الولاية التعليمية للأب. ألايدل هذا الانحياز للرجل على الرغبة فى ترسيخ ما كان سائدًا فى العصورالوسطى، حيث السيادة للرجل.. وأنّ المرأة (وظيفتها امتاع زوجها) كما قال الإمام الذهبى الموصوف بأنه (مؤرخ الإسلام) حيث كتب (...وينبغى للمرأة أنْ تعرف أنها كالمملوك للزوج فلا تتصرف فى نفسها.. وتــُـقـدّم حقه على حقها.. وحقوق أقاربه على حقوق أقاربها.. وتكون مستعدة لتمتعه بها)) (كتاب الكبائر- شمس الدين الذهبى- دارالغد العربى- ص189)  

لقد ذكرنى موقف أعضاء حزب الوفد بموقف حزب الأحرار الدستوريين وصحيفة السياسة التى كان يـُـصدرها.. ودورها فى إثراء الحياة الثقافية والسياسية فى مصر، بعد ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس1919.. ومن أمثلة ذلك المقال المنشور فى عدد 2سبتمبر1925بعنوان (لاتلعبوا بالنار) وجاء فيه: إننا نـُـعلن صراحة أننا سندافع عن حرية الرأى.. وسنقف دائمًـا فى وجه كل اعتداء عليها.. ولايعنينا إنْ كان الرأى (الذى ندافع عنه) على اتفاق مع آرائنا، أو على خلاف معنا. لأننا نعتقد أنّ لاحياة ولاحضارة لأمة، لاتوضع فيها حرية الرأى موضع القداسة، والأمم التى تكتفى بما توارثته من آراء وأفكارأمم سابقة محكوم عليها بالذل والهوان. أما الأمم التى تقتتل فيها الآراء اقتتالا، فتــُـخرج من هذا الاقتتال وميض الحق ونور العرفان..وهى (بذلك) تخطو نحو الكمال.. ونرى أنّ هذا كان رأى صحيفة الاتحاد عندما قامت الضجة حول كتاب الشيخ على عبدالرازق (الإسلام وأصول الحكم) لأنها كانت معنا فى الدفاع عن المؤلف. وقالت بأنّ العقل لايسلم بأنْ يـُـحاكم رجل من أجل رأيه (ونحن فى القرن العشرين) إلا أنْ يكون (العلم) انقلب (جهلا) و(النور) انقلب (ظلامـًـا)    

وصحيفة السياسة قامتْ بأداء دورها (الإعلامى) المنشود.. ويرى من أرّخوا لها ولحزبها، أنّ حملتها لنقد الأزهر كانت من أقوى الحملات الصحفية.. وتركــّـزالنقد على الفقرة الواردة فى المادة رقم 101 من قانون الأزهر..فهذه المادة تعنى (عند تطبيقها) أنْ يقول الأزهريون أنّ القانون والدستور.. وكل مبدأ من مبادىء الحكم القائم فى مصر، يجب أنْ يخضع لهذه المادة من قانون الأزهر.. وبالتالى تــُـداس حرية الرأى وحرية البحث العلمى بالأقدام.. ويفرض الأزهريون التشويش والكذب.. ويتصورون أنهم (حماة الدين) بينما هم كاذبون.. وهذا هو دستور الدولة قد كفل للناس حرية الاعتقاد، بل وأباح لهم أنْ يرتدوا عن الإسلام من غيرأنْ يكون عليهم فى ردتهم حرج.. وذلك بموجب المادة رقم 12 من الدستور التى نصـّـتْ على أنّ (حرية الاعتقاد مطلقة)
_________
بقلم: طلعت رضوان 

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟